- 1 -
بعد الأحداث التى عُرِفت بثورة 25 يناير فى مصر (ثورة
اللوتس) وأخواتها فى تونس (ثورة الياسيمن) وليبيا (ثورة الزهرة غير
المعروفة), تصوّر المواطن العادى والغرب معه أنه قطار ربيعى ثورى متجه
مباشرة صوب جِنـان الديمقراطية والحرية والعدل والمساواة .. الخ. حدث بعدها
أن إستولى الاسلاميون على الحكم وبدأ الحس العام يتغير نحو إذا كان حقاً
ما يشهدوه ربيعاً عربىاً أم ربيعاً إسلامياً تمثّل للبعض شتاءاً كارثياً!
أصبحت أغلبية الناس العاديين مترقبين لمصير هذه الثورات ومستقبل البلد فى ظل حُكم الإسلاميين (والبعض إندهش بوصولهم للحكم كما لو كان الأمر حدث فجأة وعلى حين غرة!!) الذين أبدوا فشلاً يوماً بعد يوم فى إدارة البلد وإتضح أن همهم الرئيسى وشاغلهم الأكبر هو السيطرة على مفاصل الدولة وبسط نفوذهم فى كل ركن فيها.. بدأ يعلو صوتهم أكثر وبدأت تظهر وجوه وأصوات أغلظ وأشد، كانت حتى بالنسبة للإنسان العادى (المتدين بطبعه والسلام) تعتبر "أوفر" فى تشددها.. كثيرون سلّموا أن الدولة الإسلامية المتوهَمة قادمة وأن الوحش الإسلامى عاد - مُبتهجاً - ليسود!!
لكن على الجانب الآخر من هذه الصيحة/ الصحوة الإسلامية، كانت المفاجأة التى لم تعد تخفى على أحد: إنتشار الإلحاد بكثافة فى بلد مثل مصر, والزيادة الكبيرة والمتنوعة فى عدد الملحدين واللادينين ممن إكتفوا من حلاوة الإسلام ونور شيوخه..
الأمر الذى يدعى لتساؤل منطقى ما إذا كان ذلك صحوة للإسلام حقاً, أم الأمر مختلف تماماً عما يحاول الإسلاميين إعلانه والتبشير به.. وما يحدث ليس سوى إرهاصات ومقدمات لإنحلال الإسلام وخفوت حسه وكأن هذا الوحش لم ينهض إلا ليقع..
أو كأنه تدميراً ذاتياً للإسلام ؟!
أم أنه مجرد لطخ صغير فى صورة الإسلام ومجرد سقوط لصورة رجاله الذين إحتكروا التحدث بإسمه وبداية لثورة على شيوخه والإسلام نفسه باق (الإسلام الجميل).. ثورة على الإسلام المتشدد وليس الإسلام "كما يجب أن يكون"؟!, هذا الذى يبحث عنه الجميع!
مـن عرف الإسلام وقرأ التاريخ يعلم أن الإسلام أثبت منذ البداية أنه عدو للمَـدنية والتحضُّر.. ضد حقوق الإنسان، ضد الحياة.. يكره العلم (ونحن نحيا فى عصره وعلى حس إنجازاته) بل يحاربه ويناكفه.. لا يساير الحضارة أو الإنسانية نفسها، عنده عقدة صعبة مع مفهوم الدولة الحديثة المدنية (نموذج الدولة الوحيد الناجح), بَل هو "دولة لوحده", يعتقد أنه الأفضل ويمتلك الأفضل مع أنه دين بليد, أدواته متخلفة تماماً عن روح العصر.. الإختلاف الوحيد فيه أنه لا يصلح أبداً لمواكبة العصر, ربما كان وسيلة مفيدة مجتمعياً فى فترة زمنية محددة شأنه شأن أى دين رغم تشابهم فى فساد الفكرة, غير أن فادئته (الدين) أو ضرورة وجوده كانت مطلوبة فى فترة زمنية معينة فى التاريخ, إنتهت وأصبح من البديهى للبشرية غير ملائمته للعصر الذى نعيشه وأن تتخطاه إلى وسائل وحلول أفضل..
كل الشواهد أو التطبيقات التى حصلت لفرضه، كلها تجارب مفزعة وعبثية (أفغانستان - الصومال - السعودية - إيران - العراق - السوادن - الفاتيكان/ الفاتيكيك..!
كل المحاولات التى جهد أصحابها لتجديده و"عصرَنته" و"مكيجته" لإضفاء بعض الألوان على شكل أمه بما يناسب شرع العصر، كلها محاولات باءت بالخيبة والفشل، وإنتهت إلى كونها دراسات أكاديمية وكتب متخصصة لا يقرأها سوى النخبة أو من لا يملّ من القراءة.. وهى نقطة تعكس مشكلة أخرى فى الاسلام, فهو دين متحجر وعنيد يصعب تجديده بأى حال, لكنه فى نفس الوقت دين هش ضعيف وسهل دحضه.. ولا يمكن إصلاحه دون دحضه أو نقده.. وإذا حاولت مثلاً عصرنة شىء منه تجد نفسك أمام مأزق أكبر فى شىء آخر.. لا حل لإصلاح بعضه سوى بنقد كله..والأمر أكثر تراجيدية من محاولة مرسى إصلاح موقفه بعد إنتشار فيديو "اليهود احفاد القردة والخنازير" فى الغرب، وقوله أن التعليق أُنتزع من سياقه!!..
وهؤلاء الذين حاولوا تجديده جديّاً و"حضارياً" تم إعتبارهم من النخبة المهرطقين.. هم بدورهم كانوا يسلكون مسلكاً نقدى وشبه فلسفى, صعب أن يصل إلى رجل الشارع أو المسلم العادى الذى نشأ وتربّى على إتّباع النص وحرمة إعمال العقل فيه، من لم يقرأ فى حياته سوى القرآن وصحيح الأحاديث مع مختارات من بعض التفسيرات، وهى كتب بالأساس عطّلت عقله عن التفكير السليم أصلاً..
مع ذلك، لم يكن غريباً أن يتم إتهام هؤلاء "المجددين" بالكفر والردة بل وقتلهم لأنهم ببساطة كشفوا عن هشاشة الإسلام وضعفه..
المسلم العادى فضّل إعتبار أشخاصاً مثل الإمام العالم محمد الغزالى أو الشيخ العلامة الشعراوى أو الداعية الشيخ الدكتورعمرو خالد أو حتى الدكتور العالم مصطفى محمود وغيرهم ، هم مجددى الإسلام الحقيقيين.. وهم لم يفعلوا شيئاً سوى تغيير لغة الخطاب وإستخدام لغة أسهل ومصطلحات أخف و"أحن" للعامة، أما الكونسيبت والمحتوى والأداة نفسها (أعنى الترغيب و الترهيب مثلاً) فلم يتغير فيهم شىء, فهى أشياء مقدّسة !!
أصبحت أغلبية الناس العاديين مترقبين لمصير هذه الثورات ومستقبل البلد فى ظل حُكم الإسلاميين (والبعض إندهش بوصولهم للحكم كما لو كان الأمر حدث فجأة وعلى حين غرة!!) الذين أبدوا فشلاً يوماً بعد يوم فى إدارة البلد وإتضح أن همهم الرئيسى وشاغلهم الأكبر هو السيطرة على مفاصل الدولة وبسط نفوذهم فى كل ركن فيها.. بدأ يعلو صوتهم أكثر وبدأت تظهر وجوه وأصوات أغلظ وأشد، كانت حتى بالنسبة للإنسان العادى (المتدين بطبعه والسلام) تعتبر "أوفر" فى تشددها.. كثيرون سلّموا أن الدولة الإسلامية المتوهَمة قادمة وأن الوحش الإسلامى عاد - مُبتهجاً - ليسود!!
لكن على الجانب الآخر من هذه الصيحة/ الصحوة الإسلامية، كانت المفاجأة التى لم تعد تخفى على أحد: إنتشار الإلحاد بكثافة فى بلد مثل مصر, والزيادة الكبيرة والمتنوعة فى عدد الملحدين واللادينين ممن إكتفوا من حلاوة الإسلام ونور شيوخه..
الأمر الذى يدعى لتساؤل منطقى ما إذا كان ذلك صحوة للإسلام حقاً, أم الأمر مختلف تماماً عما يحاول الإسلاميين إعلانه والتبشير به.. وما يحدث ليس سوى إرهاصات ومقدمات لإنحلال الإسلام وخفوت حسه وكأن هذا الوحش لم ينهض إلا ليقع..
أو كأنه تدميراً ذاتياً للإسلام ؟!
أم أنه مجرد لطخ صغير فى صورة الإسلام ومجرد سقوط لصورة رجاله الذين إحتكروا التحدث بإسمه وبداية لثورة على شيوخه والإسلام نفسه باق (الإسلام الجميل).. ثورة على الإسلام المتشدد وليس الإسلام "كما يجب أن يكون"؟!, هذا الذى يبحث عنه الجميع!
" الغول والعنقاء والإسلام الجميل"- 2 -
مـن عرف الإسلام وقرأ التاريخ يعلم أن الإسلام أثبت منذ البداية أنه عدو للمَـدنية والتحضُّر.. ضد حقوق الإنسان، ضد الحياة.. يكره العلم (ونحن نحيا فى عصره وعلى حس إنجازاته) بل يحاربه ويناكفه.. لا يساير الحضارة أو الإنسانية نفسها، عنده عقدة صعبة مع مفهوم الدولة الحديثة المدنية (نموذج الدولة الوحيد الناجح), بَل هو "دولة لوحده", يعتقد أنه الأفضل ويمتلك الأفضل مع أنه دين بليد, أدواته متخلفة تماماً عن روح العصر.. الإختلاف الوحيد فيه أنه لا يصلح أبداً لمواكبة العصر, ربما كان وسيلة مفيدة مجتمعياً فى فترة زمنية محددة شأنه شأن أى دين رغم تشابهم فى فساد الفكرة, غير أن فادئته (الدين) أو ضرورة وجوده كانت مطلوبة فى فترة زمنية معينة فى التاريخ, إنتهت وأصبح من البديهى للبشرية غير ملائمته للعصر الذى نعيشه وأن تتخطاه إلى وسائل وحلول أفضل..
كل الشواهد أو التطبيقات التى حصلت لفرضه، كلها تجارب مفزعة وعبثية (أفغانستان - الصومال - السعودية - إيران - العراق - السوادن - الفاتيكان/ الفاتيكيك..!
كل المحاولات التى جهد أصحابها لتجديده و"عصرَنته" و"مكيجته" لإضفاء بعض الألوان على شكل أمه بما يناسب شرع العصر، كلها محاولات باءت بالخيبة والفشل، وإنتهت إلى كونها دراسات أكاديمية وكتب متخصصة لا يقرأها سوى النخبة أو من لا يملّ من القراءة.. وهى نقطة تعكس مشكلة أخرى فى الاسلام, فهو دين متحجر وعنيد يصعب تجديده بأى حال, لكنه فى نفس الوقت دين هش ضعيف وسهل دحضه.. ولا يمكن إصلاحه دون دحضه أو نقده.. وإذا حاولت مثلاً عصرنة شىء منه تجد نفسك أمام مأزق أكبر فى شىء آخر.. لا حل لإصلاح بعضه سوى بنقد كله..والأمر أكثر تراجيدية من محاولة مرسى إصلاح موقفه بعد إنتشار فيديو "اليهود احفاد القردة والخنازير" فى الغرب، وقوله أن التعليق أُنتزع من سياقه!!..
وهؤلاء الذين حاولوا تجديده جديّاً و"حضارياً" تم إعتبارهم من النخبة المهرطقين.. هم بدورهم كانوا يسلكون مسلكاً نقدى وشبه فلسفى, صعب أن يصل إلى رجل الشارع أو المسلم العادى الذى نشأ وتربّى على إتّباع النص وحرمة إعمال العقل فيه، من لم يقرأ فى حياته سوى القرآن وصحيح الأحاديث مع مختارات من بعض التفسيرات، وهى كتب بالأساس عطّلت عقله عن التفكير السليم أصلاً..
مع ذلك، لم يكن غريباً أن يتم إتهام هؤلاء "المجددين" بالكفر والردة بل وقتلهم لأنهم ببساطة كشفوا عن هشاشة الإسلام وضعفه..
المسلم العادى فضّل إعتبار أشخاصاً مثل الإمام العالم محمد الغزالى أو الشيخ العلامة الشعراوى أو الداعية الشيخ الدكتورعمرو خالد أو حتى الدكتور العالم مصطفى محمود وغيرهم ، هم مجددى الإسلام الحقيقيين.. وهم لم يفعلوا شيئاً سوى تغيير لغة الخطاب وإستخدام لغة أسهل ومصطلحات أخف و"أحن" للعامة، أما الكونسيبت والمحتوى والأداة نفسها (أعنى الترغيب و الترهيب مثلاً) فلم يتغير فيهم شىء, فهى أشياء مقدّسة !!
من الأمثلة التى تُذكر, الشيخ الدكتور "عبد الصبور شاهين" (مخترع كلمة حاسوب يعنى كمبيوتر بالعربى).. أيقظ عقله تساؤل عن الخلل المُخجل الموجود فى قصة الخلق وحاول إصلاحه ومصالحة القصة المذكورة فى القرآن مع نظرية التطور المثبتة علمياً وباتت حقيقة.. فى كتابه "أبى آدم" (بسببه, أسماه البعض "ديكارت" الإسلامى)، قال أن البشر كانوا موجودين قبل آدم، وأن آدم ونسله "إحنا يعنى" من جنس آخر، لذا لا تعارض بين الداروينية وبين الإسلام فبنى آدم بتاع ربنا غير بنى آدم بتاع داروين والاتنين شغالين!!).. لا ننسى أن شاهين هو صاحب مبادرة تكفير "نصر حامد أبو زيد"!، كما الحال مع الغزالى الذى كفّر فرج فودة.
الطريف والمسلّى أن شاهين نفسه تم تكفيره لاحقاً من شيوخ آخرين بسبب هذا الكتاب, وهى ظاهرة معروفة فى الإسلام منذ بدايته، لا وجود للعقل مع النص ولا إعمال للعقل والنقد مع قدسيته (وابن رشد يشهد).
جميل
ردحذفبس في اعتراض بسيط وهو أن عبدالصبور شاهين لم يشغل عقله ولم يقل بوجود خلل في قصة الخلق كما أنه ضد الداروينية ولم يعترف بها كل ما قاله في كتابه "أبي آدم" أن آدم مخلوق من أبوين بناء على تفسيره الخاص لكلمتي بشر وإنسان في القرآن وهي فكرة لا تصمد أمام النقد القرآني والديني نفسه .. شاهين أراد من كتيبه الهزيل القول بأنه مفكر كنصر حامد أبو زيد .. لا أدري من الذي يقارنه بديكارت .. سلمت وسلمت مدونتك الرائعة التي سأضع لها رابطا في مدونتي
عزيزى rnkaradi
ردحذفأتفق معك تماماً فيما قلت.. بعض المسلمين ممن تحمّس لهذا "المفكر" الضحل عندما نشر كتابه, وهم أكثر ضحالة بطبيعة الحال, شبّهوا منهجه - إن كان ثمة منهج أو كتاب أصلاً - بمنهج ديكارت الشكوكى..
مقياسهم المثير للشفقة الذى يجعل زغلول النجار أو مصطفى محمود أو عبصبور مفكرين مجددين وعلماء موسوعيين فى نظرهم هو فى الواقع مقياس لا يعكس سوى ضحالة أكبر فى الإسلام نفسه.
أسعدنى مرورك الكريم وتعرّفى على مدونتك..
تحياتى الإنسانية إلك