شعرت بالخجل من نفسى, لأننى لم أعرف "فوريه" مبكرا بما يكفى
المرة الأولى التى سمعت له شيئا كانت منذ زمن بعيد و كانت موسيقى هدهدة أو لولباى Lullaby (موسيقى للنوم) .. فى ألبوم إحتوى مقطوعات موسيقية متعددة لاخرين مشابهة فى رومانسيتها.. يومها كان اسمه جديدا علىّ تماما و لم يكن من وسيلة لأعرف المزيد عنه
بعدها من حوالى سنتين عندما شاهدت الفيلم الإيطالى المدهش عن جوليو أندريوتى Il Divo .. عرفت أن المقطوعة الساحرة فى أول الفيلم كانت من تأليفه أيضا المقطوعة المعروفة بال Pavane ... و كان ذلك كافيا لأضعه فى قائمة السادة الكبار عندى و أبحث عن أعماله الأخرى
من حسن حظنا, كان اله الانترنت قد خلق دينه الجديد للظمأى أمثالنا
- - -
موسيقى "جابريل فوريه" (1845 - 1924) موسيقى خارج التصنيف.. موسيقى منعزلة فريدة .. طعمها و إيقاعها مختلف تماما عن أى موسيقى
صافية.. حزينة.. عميقة و راقية و مفاجئة .. فى بعض مقطوعاته لا يمكنك التنبؤ بشكل الحركة القادمة
حالة عجيبة من الصفاء و السكون بمسحة خفيفة من الحزن لكنه الحزن الهادىء ..الحزن الذى يكسو جوهر كل المشاعر و جوهر الحياة نفسها و حياته هو نفسه لم تكن مفرحة دوما, أو ربما لم يعبأ بأمرها .. أتصوره كما لو كان وصل لحالة رضا أو تعايش مع حزنه موسيقاه كانت تعبر عن كل ذلك, عن مشاعره و أفكاره الذاتية العميقة
( مثلما عبرت موسيقى بيتهوفن و برامز و شوبان قبله ) فى شكل جديد مبتدع, لم يلتزم بتقليد معين و لم يقلد أحد
أحد الموسقيين لقبه ببرامز الفرنسى.. برامز كان مشهورا بالتجديد و التحديث و مثل برامز أيضا عانى مرارة الحب
و مثل بيتهوفن أصابته لعنة الصمم
و مثل شوبان كان مفلسا معظم حياته
و مثل رحمانينوف و ساتى و سترافنسكى و كثيرين لم تقدر موسيقاه كما يجب و لم يكن مفهوما فى عصره
قالوا إنه حالم كبير لا يعيش حياتهم و غير مدرك لها
لكن حلمه الكبير كان أن يصنع موسيقى فرنسية خالصة نقية من أثر الاسطورة الألمانية و بالتحديد هيمنة فاجنر وقتها
و هو قد سافر الى المانيا و استمع لأوبرات عديدة لفاجنر و أعجب بها لكنه الوحيد فى عصره ربما الذى لم يسمح لإعجابه به أن يؤثر فى موسيقاه هو .. فى وقت كان الجميع منبهرا بفاجنر.. حتى " كاميل سانت ساينز " ( كرنفال الحيوانات و شمشون و دليلة ) أستاذ فوريه لم يسلم من ذلك
و فى المانيا ايضا قابل ليست و عزف معه على البيانو و كان معجبا به.. و تبادلا عزف أعمالهما على البيانو معا
رحلته تلك لالمانيا كانت محاولة منه للانغماس فى الحياة و الهروب لرؤية أماكن جديدة
بعد ان فسخت حبيبته الخطوبة معه .. " ماريان" ابنة مغنية الاوبرا الشهيرة فى عصرها "بولين فياردو".. الجرح الذى سبب له حزنا و احباطا لازمه طوال حياته
كعادة التدخين الشره الذى وجده متنفساً عن قلقه و إضطرابه و التى لم يتوقف عنها رغم ما سبب له من متاعب صحية
حتى عندما تزوج بعد ذلك, لم يكن موفقا و كان زواجا غير متوافق.. أدى إلى إرتباطه بأكثر من علاقة نسائية منها واحدة مع "ايما بارداك" التى أصبحت بعد ذلك الزوجة الثانية ل "كلود ديبوسى" ( ضوء القمر )
بجانب الجرح العاطفى الذى لازمه لم يكن أبدا طوال حياته مكتفيا من المال, و يذكر أن ناشره كان يشترى منه اللحن أو الأغنية الدينية للكنيسة بخمسة فرنكات فقط
حتى عندما تحسنت أحواله و أختير أستاذا فى الكونسرفتوار ثم إنتخابه عضوا فى المعهد الفرنسى ( الذى تتبعه الأكاديمية) , لم يحقق أى نجاح مادى من كل ذلك
و لم يلبث طويلا حتى بدأ يعانى من ضعف و مشاكل فى السمع أدى به فى ختام الأمر للاستقالة و إعتزال الحياة العامة
قبل أن تقضى أزمة ربو مؤلمة بحياته الطويلة عام 1924
كان فوريه فى العشرينات عندما توفى " برليوز" ( السيمفونية العجيبة) و بعد وفاة "ديبوسى" أكمل هو ست سنوات أخرى فى الحياة
و حياته بينهما كانت حلقة الوصل و التجديد لجيلين مختلفين فى الشكل و التعبير....
لم يؤلف فوريه أى سيمفونية و لم يكتب أى كونشيرتو (حوار) للبيانو أو الفيولين .. لكنه ألف أوبرا عن شخصية " بينلوب " ( زوجة أوليس, بطل أوديسة هوميروس ) و أخرى عن " بروميثيوس" ( البطل الأسطورى, سارق النار من الألهة و واهبها للبشر), كما كتب العديد من السوناتات لكل من البيانو و الفيولين بجانب دويتو وحيد للبيانو قى مقطوعات موسيقية ألفها خصيصا للطفلة "دوللى" إبنة إيما بارداك فى عيد ميلادها الأول و أسماها بإسمها و التى منها موسيقى اللولباى التى أصبحت من اشهر المقطوعات الموسيقية للأطقال و هو إعتمد فى تأليفها على ذكريات طفولته هو
لكن أغلب إنتاج " فوريه " تمثل فى قصائده الملحنة
لحن العديد من القصائد لشعراء رومانسيين أمثال فيكتور هوجو و شارل بودلير و بول فيرلين و غيرهم
تخيل موسيقاه عندما تلتحم و تعانق كلمات شعراء مثلهم
و رغم أنه لم يكن متدينا لكنه ألف قداس يختلف تماما عن شكل القداس المعروف , فلم يضمنه يوم الحساب (Day of Wrath ) و يعتبر من أجمل الموسيقى الجنائزية.. أسموه بهدهدة الموت و كان يذكر أن القداس ما هو الا تعبير عن مأساته هو الشخصية .. استغرق فى كتبابته خمس سنوات ..بدأ كتابته بعد وفاة والده و لم يلبث أن لحقته والدته بعدها
قبل ذلك كان قد ألف مرثية كانت فى الأصل جزء من سوناتا كتبها للتشيلو.. قطعة موسيقية صغيرة و حزينة و حالمة طبعا - لا زالت - و برأيى تعبر ببساطة عن موسيقاه كلها و تلخص مأساته هو أو جرحه السرى .. ربما لذلك كان يقود الأوركسترا بنفسه عند أدائها لأول مرة
- - -
(هناك موسيقى تجعلك تثور و موسيقى تجعلك تنفعل و أخرى تجعلك تئن و موسيقى فوريه تجعلك تنصت ..لنفسك )!!
- -
مقطوعة Pavane بمصاحبة الأوركسترا
و مصاحبة الكورال
و نسخة حديثة منها بالجيتار الأسبانى و الفلوت
Ameerov
ردحذفراودني نفس شعورك
عندما اكتشفت Yanni
طوال السنين التي فاتت
كنت أرى صورة ياني
ذو الشعر الطويل والشنب الكثيف
وأسمع به ولم أفكر بسماعه
بعد أن اكتشفت سحر موسيقاه
غضبت على نفسي
وعلى الذين يشاركونني في تذوق الموسيقى
فهم يعرفون ذوقي
لمَ لمْ يخبروني عنه؟
أنت الآن
تسدي لنا بتلك الخدمة الراقية
في تعريفنا بشتى الفنون
أعجبتني موسيقى باناف
التي بالفلوت واحتفظت بها
أميروف
يا رسول الفنون
(:
العزيز اميروف
ردحذفتحية طيبة والشكر الجزيل لك على هذا الموضوع المتميز والكبير الفائدة.
اعرف فوريه وقد سمعت معزوفته بافين مرارا واعجبت بها. لكن الكثير مما كتبته هنا يعتبر جديدا بالنسبة الي.
فالشكر الجزيل لك مرة اخرى على هذا الموضوع الرائع وبانتظار ما ستكتبه في المرة القادمة تقبل اطيب تحياتي.
بروميثيوس
يانى انا من " يانى "
ردحذفعندما يتعلق الأمر بيانى فمن حقك يا بيور ان تغضبى و تطلقى عليهم النار
كنت معتادا أن أسأل من اقابلهم ماذا يسمعون فان لم يذكر على الأقل يانى او بيتهوفن.. يسقط تماما من حساباتى
و لا أتذكر كيف تعرفت عليه لكن لا زلت أتذكر أول ألبوم إشتريه له If I could Tell u والالبوم الأجمل فى نظرى.. يومها سكرت بموسيقاه غير مصدق أنه لا زال بإمكان أحد خلق موسيقى بهذا الجمال ( و مقطوعات الألبوم كله أجمل من بعضها)
بس على فكرة , هو حلق (شنبه) و شكله عجيب !!
و هوفى الأصل شخصية غريبة
فى بالى أن أكتب عنه و عن شنبه !!
أسعدنى مرورك يا بيور , و أن الموسيقى أعجبتك
تحية With an Orchid
و كل الود و المحبة
بروميثيوس المبدع
ردحذفمصادفة غريبة حصلت عندما قرأت إسمك فى التعليق .. تذكرت أننى نسيت بروميثيوس ,الأوبرا التى كتبها فوريه!! فشكرا لك
و أسعدنى إعجابك بالموسيقى
و شرفنى تعليقك
تحياتى لك
و دمت بكل ود
عفوًا
ردحذفباناف = بافان < بالفرنسي
استملت الأوركيد
ووضعتها بقربي في الماء
شكرًا
اميروف
ردحذفياسمفونيه الحب والمحبه ويا لوحة العشق والموده
اهديلك هذه تفي بكل الكلام
http://www.youtube.com/watch?v=mpgyTl8yqbw
احترامي لك
:)
فيديو أكثر من رائع يا رانيا
ردحذفتسلمى لى
نسائمك العابرة
تحيــاتى و مودتى
أما أنا فأشعر بنبوة موسيقية باذخة -صادقة تتحقق هنا, لكـ كل الصمت العابقـ
ردحذفكن بخير.