الثلاثاء، 6 أبريل 2010

الحياة الملونة ... ماتيس


اسم هذه التحفة الفنية Le bonheur de vivre    
 و ترجمت joy of life  أو " سعادة أو بهجة الحياة"

ربما لا تكون هذه اللوحة أشهر لوحات الفرنسى " هنرى ماتيس"
لكنها اللوحة الأجمل فى نظرى
و الأسباب كثيرة
و أهمها ألوانها
ألوانها الدافئة والمنسابة فى جمال لا يقل عن جمال اللوحة ككل ..
المتعددة بخطوطها و تدرجها و درجاتها التى تفتح أمام عينيك ممر طويل من التخيل الهادىء .. أول ما تقابلك فى اللوحة هى الألوان .. و أول ما تشعر به هذا الإحساس  بالجمال و الراحة و الصفاء

" ماتيس " نفسه كان يقول دوما " أريد للوحاتى أن تكون مثل المقعد الوثير لرجل أعمال منهك من السفر و العمل " ... ( جرب أن تشاهدها بعد يوم طويل و منهك )

ألوانها المتفتحة الحانية التى لا تجعلك تتوقف عن تأملها بمتعة و الدهشة التى تجعلك تصيح " واو , يا للجمال"
و ماتيس هو موسيقار الألون و مالك سرها و كانت همه الأول و الأخير
ربما لو توقفنا عند ألوان ماتيس لاكتفينا من جمال لوحاته

لكن فى هذه اللوحة الكثير أيضا
عناصر اللوحة و كم التفاصيل المثير للدهشة و الفكر فى ان
و عمق ما يتحمله كل عنصر فيها
و نبض الحياة التى بحق تنبض فى كل جزء أو حتى خط فيها
الحياة و الحركة و الحب و الشغف
فى أول اليمين فى اللوحة نلمح زوج العاشقين المنغمسين فى قبلة أبدية , و المتماهين تماما فى حالة عشق .. و اللون المتوهج بخفة الذى يسطع من جسديهما .. توهج العشق و الشوق ..
راعية الماعز , عازفة الفلوت التى تتمايل على أنغام موسيقاها
تواجهنا فى اللوحة كأنها تدعونا أو تعزف لنا
 و بالمثل العازفة الثانية المستلقية فى راحة .. منغمسة فى أفكارها و سرحانها و ربما أشواقها
الفتاتين فى وسط المشهد و اللوحة , تستلقيان فى هدوء أيضا و بينما تواجهنا أحداهما ذات الشعر الاسود و هى تبدو معجبة بجسدها العارى و جمالها , لا نعرف ماذا تفعل الاخرى ذات الشعر الاحمر او فيما تفكر لكنها تسترخى فى هدوء أيضا
و على بعد , حلقة الراقصين فى حالة نشوة و تماهى فى الرقص نفسه بكل حرية و شغف و كانه رقص لا ينتهى

و نفس هذه الفكرة رسمها ماتيس فى لوحة لوحدها مرتين على الأقل بعد ذلك .. كانت إحداها تسمى الموسيقى , أو اعتقد

الفتاة التى تدنو من عشب الأرض فى وضع الراكع .. لا أعرف هل تريد أن تقطفها أم أنها تتعبد للطبيعة أو تقترب منها لتتأملها أكثر و تلمسها بكفها
و "الفاجرة" المتفجرة أنوثة بجوراها و المتعبدة للطبيعة أيضا , كأنما تريد أن تصنع طوقا من الورد حول عنقها
هذه اللوحة بانوراما للحياة البهيجة و سمفونية لجمال المشاعر الانسانية و الطبيعة و, و قبل كل ذلك لجمال الألوان نفسها
فى هذه اللوحة نرى مفردات الحياة البهيجة
 الجميع يبدو سعيدا أو على الأقل منغمسا فى أحاسيسه التى لا يمكن وصفها الا بالفرحة و الصفاء
 نرى الطبيعة بكل عذوبتها و جمالها تمتد على جانبى اللوحة , بينما فى وسط المشهد .. فى الأفق نرى البحر و السماء ممتدة الى ما لانهاية
لان ما نراه مجرد مشهد واحد من تلك الحياة الواسعة
الحب , و الموسيقى و الرقص و البحر و الأشجار
" أنا أحب هذه اللوحة"
و تفكيرى فيها لا ينتهى
و أحلم كثيرا أن أصبح فيها .. فى أى اتجاه .. او زاوية
أو كل فكرة
أو أى أى

" ماتيس " رسم هذه اللوحة بين 1905 و 1906 و هو فى جنوب فرنسا
و بعض النقاد يذكر أن عناصر اللوحة مستوحاة من السائحين الاجانب الذى رآهم ماتيس فى الجنوب الفرنسى حيث البحر و الطبيعة الجميلة
البعض الاخر يقول أن ماتيس رسم هذه اللوحة و قصد بها الإستعارة من تيمات الأساطير الكلاسيكية مثل إله الرعى بان و الحوريات

و هذا بعد اخر فى جمال هذه اللوحة
لانها تحتمل اكثر من تفسير و اكثر من فهم
لكن يبقى الاحساس الواحد الأوحد لكل من يراها .. إحساسه بجمال الحياة و بهجتها
و الاحساس بالراحة أمام ألوانها الدافئة الرحبة

ولد " ماتيس " فى شمال فرنسا و عاش بين 1869 و 1954
و من رواد المدرسة الفوفية أو الوحشية و التى لم تعمّر سوى 3 أعوام
و لكن بعد سطوع نجم " سيزان " , بدأ الفنانون الشبان يتابعون أعماله و يتأثرون بها و كان من ضمنهم " ماتيس " و" بيكاسو " و الذى ما لبث أن أستأثر كل منهما بإتجاه مناقض تماما للآخر .. إتجاه محافظ يقوده " ماتيس "  و آخر متطرف و أكثر تحررا يقوده بالطبع"  بيكاسو " , و الذى وضع اسس المدرسة التكعيبية لاحقا
 الغريب ( و أنا أنقل من كتاب لحسين بكار ) أن معجبى فن ماتيس كان الأعظم و أن تأثيره فى تلك الفترة كان أكبر و أعظم من بيكاسو و الذى لا يعد يقارن بعد ذلك

لكن يبقى كلاهما بالإضافة إلى " مارسيل دوشامب " أكثر الفنانين تجديدا و تطويرا , اكثرهم تأثيرا على مسيرة الحداثة و التجديد فى الفن التشكيلى
- - -
لوحات أخرى لماتيس
Woman with a Hat, 1905


Portrait of Madame Matisse (The green line)- 1905

Blue Nude


A Glimpse of Notre-Dame in the Late Afternoon, 1902

Nude Man 1900

The Red Madras Headress , 1907

Harmony in Red-La desserte

The Girl with Green Eyes

Woman Before an Aquarium

Odalisque with Magnolias

Femme au manteau violet

The Dance -2nd Version -1910


1906 Self-Portrait

Conversation

1947 Two Girls in a Yellow and Red Interior

Young Girl in White on a Red Background

Blue Nude with Hair in the Wind

هناك 8 تعليقات:

  1. واااااو

    اقف وانحني امام كلامك الرائع وامام اللوحات المختار ,بالفعل أختارية اجمل لوحه ولا اعرف كيف اصف هذه اللوحه مقابل كلامك , الذي أحسني باني داخل اللوحه وليس ناضره لها

    رااااائع

    محبه

    ردحذف
  2. الرقيقة رانيا ..
    سعيد أنكِِ تشاركينى الرأى حول هذه اللوحة و سعيد أكثر بتواجدك و إهتمامك بما أكتب , و أكثر أكثر بتواجدك معى ( داخل ) هذه اللوحة !!!
    تحيتى البيضاء الخالصة
    و دامت المحبة

    ردحذف
  3. هذه اول زيارة لى فى مدونتك ولن تكون الأخيرة

    سعدت بمدونتك
    تحياتى

    ردحذف
  4. العزيز Asbany
    سعيد بزيارتك
    و أتمنى يزيد التواصل و يستمر ..
    دمت بكل خير

    ردحذف
  5. كلامك جميل
    وأضاف للوحة قيمة أكبر

    كل المعاني التي تحملها اللوحة
    حسب وصفك الجميل
    نجدها في اللوحات الفارسية
    التي تعبر عن أشعار عمر الخيام
    بل أرى تلك أجمل

    ربما الاختلاف هنا
    في التعبير بنظرة أوروبية

    لا أدري
    من وجهة نظري
    أرى أن اللوحات المرسومة بهذا الستايل
    سهلة التنفيذ
    شديدة البساطة
    ولا تتطلب ساعتين في إنهائها

    ربما أنت يا أميروف
    لو أمسكت بالفرشاة
    سترسم أفضل منها

    أحيانًا
    الشهرة تجعل من ذلك الفنان
    شيئًا خرافيًا

    ولكن لو نظرنا لبعض اللوحات
    بنظرة موضوعية
    ستجدها بالفعل سهلة الرسم
    بالأخص التي باللون الأزرق

    ربما تختلف معي

    عمومًا
    أحببت مدونتك
    لأنك تقدّر الفن
    بدرجة عالية

    ردحذف
  6. العزيزة بيور
    أشكرك لمرورك الجميل

    ماتيس كان متأثرا بالنقوش العربية و ربما المنمنمات الفارسية أيضا لكن يبقى أنه لا يمكن بأى وجه المقارنة بينهما.. يبقى ماتيس أعمق فى أفكاره و ( أوعى ) أو أنضج فى إختياره للألوان و عناصر اللوحة
    و فوق ذلك, رسوماته كانت محطة مهمة و مؤثرة فى مراحل تطور الفن
    و ليست المسألة عزيزتى أنها سهلة الرسم أو بسيطة
    كما يقال فالأفكار ملقاة على قارعة الطريق لمن يلتقطها..!!
    و ليست العبرة فى صعوبة أو تعقيد اللوحة.. العبرة فى وقعها و دلالاتها .. أو هكذا أتصور جمال أى فن

    على كل
    بنظرة عادية تبدو مسألة أذواق
    لولا إختلاف الأذواق لإنطمس مفهوم الفن من بدرى قوى..!!

    أسعدنى وجودك و تعليقك الواعى
    و رغم نفورك من شجرة, أحببتى الغابة !!

    تحيتى الخالصة
    و كل المحبة و الود

    ردحذف
  7. بوست جميل وثرى الحقيقة قلما تجد من يقدر ويحب الفن التشكيلى فى عالمنا العربى
    عموما احب واتمنى ان تشاركنى هذا الفيلم عن احدى لوحات الفن التشكيلى وانتنظر الفيلم القادم خلال ايام :)

    http://bleeed-kontiki.blogspot.com/2010/04/kiss.html

    ردحذف
  8. أول مرة ألاقى حد مهتم بالفن كده فى مصر
    بجد تحياتى لك

    على فكرة أنا شفت كل اللوحات ديه فى باريس فى متحف
    Orsay
    ولو عندك وقت أبقى زور مدونتى الأنجليش يمكن تعجبك

    تحياتى

    ردحذف