الأحد، 30 نوفمبر 2014

البرىء والمساكين




١. الفلوس.
  تظهر الحاجة من اليمين, حاملة بلالين ملونة مبتهجة بـ"خير ربنا" اللى برّأ مبارك.
 يظهر سائق التاكسى الذى يبدو معترضاً ومنفعلاً على البراءة لكنه يلتزم الهدوء إحتراماّ لسيارته ولمقام الحاجة التى تحاول أن تفحمه ببساطة إنه "عارف يعيش".
 لكن السائق يصيح إنه "مش عارف اعيش عشان احنا فى ظلم".
 - " فى ظلم؟"
 - "أيوووووه".
 - "اقولك على حاجة.."
 لكن السائق لا يعبأ بالحاجة و يتابع..
 - "ماهو ماياخدش براءه من الــ... الفلوس اللى أخدها يا حاجة. راحت فين الفلوس اللى أخدها؟!!"
تصيح الحاجة بدهشة وكأنما تسمع الكلمة لأول مرة قبل أن تكررها.
 - "فلوس؟!!"..
 -"آآآآآه.. سبعين سنة. تلاتين سنة حاكمنا" ويضيف, متخيلا بطيخة ضخمة عصبية بين يديه العصبيتين.. "الفلوس اللى هبرها راحت فين يا حاجة؟!"
 تعود الحاجة من تفكيرها الطويل. أو تتابع تفكيرها بصوت أعلى. تقول
 "يا حول الله يا رب. طب الفلوس اللى أخدها, حترجع لك انت ولا أنا يا مسكين؟!"
يرد السائق بإستغراب شديد ولكنة إستخفاف
 - "أُمّال حترجع لمين يا حاجة؟!".
 - "لا مش حترجع لك ولا ليا يا حبيبى"
 - "ماهو لمّا ياخد براءة حياخد الجمل بما حمل".. نفس البطيخة بين يديه.
 - "مين اللى حياخد الجمل؟"
 - "الحاج حسنى يا "حاجة""
 تسكت الحاجة ويبدو أنها تستغرق ثانية فى التفكير.
 يمزح السائق قائلاً " طب ايه رايك نشيل السيسى ونجيب "حزنى"؟"
 - ترد الحاجة بجديّـة "وإيه يعنى".
 لكن السائق يصيح بعصبية, بحركة يديه
  "ده على جثتى بقى"..

 ينتهى المشهد بضحكة الحاجة حتى تظهر نواجذها ومن بعيد يمكن تمييز ضحكة الحاج حسنى تتداخل مع ضحكتها.. قبل أن تختفى بلالينها من المشهد مع صياح السائق..
"لا حسنى ولا عيلة حسنى". ثم تدور العربية.

 الفيديو:
http://goo.gl/U0euD9

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

لبلاب السيسى وعبفتاح (صورة)


  فى الصورة ثلاثة وجوه وعين.. وشاهد صمت ومجد رومانى قديم، رابض بين أوراق اللبلاب الكثيف.. لا أعرف من يعرفه. لكنه يبدو أقرب إلى ديكتاتور آخر قديم خالص. والبشرية لم تنجب سوى ديكتاتوريات أزلية.. صدّقنى.
 فى الصورة ظل يتمدد من داخلها ليطغى. فى الصورة بؤس. 
 عبفتاح وحده بؤس.

AFP. but not sure!
هذه الصورة العبقرية. لم أتمكن من العثور على جودة أعلى، أو حتى مصدر مؤكد لها..
لكنها صورة حلوة، لم أجد لها حضوراً ملفتاً ضمن صور فعاليات زيارة عبفتاح إلى بلاد الطليان.أجدع ناس يعملوا بيتزا طليانى واسبرسو طليانى، برضه.. مش بيشرب قهوة؟... بيشرب حلبة. ما علينا..
عبفتاح الذى يبدو يعمل جيداً بأحوال الطليان والتقدم الحضارى الذى وصلوا له فى صناعة الكلوتات والبدل الرجالى والشنط الحريمى على وجه الخصوص. واضح أنه إهتم كثيراً كى تبدو مصر بمظهر مشرف وعاكس لأحوال وشئون المنطقة. وهو ما إنعكس على مظهره الكولومبى. إحتسبه طليانى عند حضرته يا عبفتاح :(

رحلة السيسى وعبفتاح كانت ضمن رحلة أطول شملت الفاتيكان حيث هنأه بابا اللى مش لاقى له بابا بالبدلة الجديدة. كذلك وزيارة سرية إلى إحدى الجزر الماسونية النائية فى المتوسط. يخلو لها السياسيين عرايا. يتأملون ويفكرون ثم يعودون ياخدوا صور يفرح بها عبفتاح. شوف كام عبفتاح فى مصر.


يمكنك مشاهدة راس المصور اللى صور الصورة والمشهد بالموسيقى التصويرية  والفيديو هنا
-------------- 

 - يُقال أن "اللبلاب" فى اللغة هو مفرد لَبْلابة ، نبات عشبيّ معترش يلتفّ على المزروعات. يسمِّيه المصريون "العُلّيق" ، وينتمى إلى الفصيلة "العُلَّيقية" ، ويطلق أيضًا على نبات متسلِّق من الفصيلة "القرنيّة" دائم النمو واللَّبلاب السام هو نبات ذو أوراق مركّبة وأزهار خضراء صغيرة وثمار بيضاء  يسبِّب طفحًا جلديًّا عند لمسه.. المزيد هنا

الاثنين، 24 نوفمبر 2014

نقطة زرقاء باهتة


 
 " لا تبدو الأرض مثيرة لأى إهتمام عندما تنظر إليها من تلك المسافة البعيدة لكن أنظر مجدداً إلى تلك النقطة. إنها هنا. إنها الوطن. إنها نحن. عليها يوجد كل من أحببت. كل من عرفت. كل من سمعت عنه. كل إنسان قضى حياته. مُلتقى الفرحة والألم. آلاف الأديان اليقينية والعقائد والمذاهب الاقتصادية. كل صائد وكل لاقط ثمار. كل بطل وكل جبان. كل ناهض وكل مدمّر للحضارة. كل ملِك وكل مزارع. كل رفيقى حب. كل أب وكل أم. كل طفل يملؤه الأمل. كل مخترع وكل مستكشف. كل معلم للأخلاق وكل سياسي فاسد. كل  شخص مشهور وكل قائد أعلى. كل قديس وكل عاصى. كل هؤلاء فى تاريخ جنسنا البشرى.. كلهم عاشوا هناك، فوق ذرة غبار مُعلّقة بشعاع الشمس.

 الأرض مسرح صغير جدا في حلبة الكون الفسيح...تأمّل هذه القسوة اللانهائية التى مارسها سكان ركن صغير ، بالكاد يمكن تمييزه، نحو سكان آخرين في ركن أخر, كيف أصبح سوء الفهم مألوفاً لديهم. تأمّل توقهم لقتل بعضهم بعضاً، الحقد المشتعل والمتبادل بينهم. تأمل أنهار الدماء التى سالت بسبب هؤلاء الجنرالات والأباطرة، حتى يصبحوا أسياد اللحظة المسيطرين، فى جزء ضئبل فى نقطة.
 تلك النقطة الباهتة من الضوء تتحدّى المكانة الفريدة والأهمية المتخيّلة لأنفسنا و وهم التكريم الذى نحظى به فى الكون. كوكبنا هو بقعة وحيدة ضئيلة في ظلام الكون الهائل الذى يغلفنا.الأرض هى المكان الوحيد المعلوم لنا حتى الآن والذى يؤوى حياة. لا يوجد مكان آخر, يمكن لجنسنا أن يهاجر إليه، على الأقل فى المستقبل القريب. نعم, يمكننا أن نزور لكن لا يمكن أن نستقر بعد. سواء أحببت ذلك أو لا, فـالأرض، حتى اللحظة، هى المكان الوحيد الذى  نحيا فوقه.

لقد قيل أن علم الفلك هو تجربة تبعث على التواضع وتكوين شخصية. ربما ليس هناك ما يوضّح حماقة الإنسان أكثر من تلك الصورة البعيدة لعالمنا المتناهى في الصغر.
إنها,بالنسبة لي تؤكّـد لى ضرورة أن نتعامل بعطف مع بعضنا البعض, وأن نحمى ونعتز بتلك النقطة الزرقاء الباهتة, الوطن الوحيد الذى نعرفه."

--------------
 - مُترجم من كتاب (نقطة زرقاء باهتة) لـ"كارل ساجان".
 والصورة أخذها مسبار "فوياجر ٢ "عام ١٩٩٠ من مسافة تبعد عن الأرض حوالى ٦  بليون كيلومتر.