الخميس، 30 ديسمبر 2010

البونساى... شجرة بين كفيك !!




































































- - - - - - - - -
"A tree That is left growing in its natural state is a crude thing. It is only when it is kept close to human beings Who fashion it with loving care that its shape and style acquire the ability to move one"
       - The Tale Of  The Hallow Tree   ( Japanese Book)


من الصين إنبثق فن البونساى قبل أن ينتقل إلى اليابان خلال القرن السادس مع الأفكار البوذية وتتشكل الكلمة التى تعنى باليابانية "الزراعة فى صينية"
 البعض يُرجع منشأه الفعلى إلى حضارة المصريين القدماء ويذكرالبعض أن البونساى كان معروفاً وموجوداً فى حدائق بابل المعلقة (الحدائق التى بناها نبوخذ نصر عام 600 ق.م, هدية لزوجته المشتاقة لحدائق بلادها)

البونساى هى الأشجار المنمنمة , المنحوتة حسب الأهواء البشرية
وهى قد تكون أشجاراً أو نباتات أخرى كالشجيرات (العنب ) أو الأزهار (الأوركيد) أو غيره
والبونساى هو فن التحكم فى الشجرة وتشكيلها وتربيتها بشرياً بحيث تنتج أشجار صغيرة ودقيقة..
وهى غير الأشجار القزمة بطبعها التى تنشأ فى الطبيعة

تقليد جميـل وفن راقى وممتع... أليس كذلك؟؟

إقرأ عنه فى الويكيبيديا هنا (بالإنجليزية - بالعربية)
صور أكثر هنا



الأحد، 26 ديسمبر 2010

كريسماس سعيد أيها الوثنيون !!



الكريسماس من أغرب الكرنفالات الجميلة بنظرى
ورغم أن الكثير من قساوسة المسيحية يحرمون الإحتفال به
طبعاً, هو محرم قبله من قبل مشايخ المسلمين
مع ذلك هو أكثر الأعياد بهجة فى العالم كله
مهرجان مبهج يجمع  العالم كله, بعناصره وخيالاته الأسطورية التى تزيده بهجة !!

فى صورة لا تعكس سوى رغبة الإنسان الحقيقية بالفرحة و الإحتفال بالحياة 
ورغبة أخرى أصيلة فى التحرر وتحويل أى عيد أو طقس دينى إلى فرحة دنيوية محضة !!

أكيد أنت مثلى تعرف الكثير ممن يعيشون فى مجتمعنا العربية والإسلامية ممن تستحوذ الشجرة المزدانة على إعجابهم وتغمرهم بهجة الإحتفال الكوزموبوليتانى  

لكن أشك إن كنت تتذكر الحصان والعروسة والجمل وغيرها مما إقترنت بالإحتفالات الدينية عند المسلمين وكان المسيحيون يشاركونهم أيضاً تلك الديكورات
 التى للأسف إنقرضت وساحت من زفرة التنين الوهابى الأسود 


جاء الكريسماس هذا العام غير بعيد عن إحتفالات (ولا أعرف إحتفالات كيف!!) عاشوراء الدموية
وغير بعيد عن ذكرى الأضحى الدموية أيضاً

كل هذا جعلنى أتساءل 
لماذا هذا العيد على الرغم أن المسيحيين ليسوا أغلبية كائنات هذه الأرض
وعلى الرغم من إختلاف المسيحيين أنفسهم عليه
وعلى الرغم من أشياء كثيرة أخرى
لكن لماذا هذا العيد يجعل الجميع بشكل ما أو آخر مبهج وسعيد؟!

ولماذا لم يفلح المسلمون فى إختراع أو ترويج عيد بمثل هذه الشعبية ؟؟!
و

   هابى سولستيس أيها الـــــ ـ ـ ناس







السبت، 25 ديسمبر 2010

أحمد مستجير... عالم إحترف الدهشة


بقلم: خالد منتصر
- - - - -


 - "دول فى عمر أحفادى"
  آخر جملة قالها د.أحمد مستجير أمام التليفزيون وهو يبكى على ضحايا الحرب اللبنانية، قالها لإبنه طارق قبل أن تنفجر شرايين المخ وينتقل صديقى وأستاذى العزيز العظيم عالم الهندسة الوراثية إلى العناية المركزة بإحدى مستشفيات النمسا مكبلاً بأجهزة التنفس الصناعى ليموت بعدها ويرحل عنا هذا الرجل الجميل الذى لابد أن أحكى لكم عنه، وتحكون أنتم عنه لأولادكم وأشقائكم، عن رجل عشق مصر حتى النخاع، عشقها بالعمل والعلم وليس بالأغانى والأناشيد.

 "إنه الحكيم الذى يشبه الطفل " هذا هو ماقاله الشاعر وليام كاوبر عن العالم الإنجليزى نيوتن، وهى عبارة تنطبق ربما بصورة أكبر وأدق على عالمنا المصرى الكبير د. أحمد مستجير، هذا الرجل الذى برغم إكليل الشعر الأبيض الذى يتوج رأسه إلا أن قلبه مازال يحمل شقاوة الأطفال ودهشتهم وبراءتهم، وهو قد إستفاد من هذا الطفل الكامن فى بناء صرحه العلمى الشامخ، فقدرة هذا الطفل الفذة واللامحدودة على الدهشة هى التى دفعته دوماً للتساؤل.


 - الطفل إبن الثانيه والسبعين عندما كان يتسلم أرفع جائزة مصرية ، ألمح غلالة دموع تغلف إبتسامته التى دوماً تنضح تفاؤلاً أراه أنا فى أحيان كثيرة غير مبرر ، وكأننى أسمعه يهمس بعد أن أنهكته المسيرة الطويلة " ياه معقول لسه فيه حد فى مصر بيقدر العلم والعلماء!! "، أرى قامته الطويلة التى لم تنحنى إلا للرب ولميكرسكوب المعمل، أراها تنبض بالمهابة وأيضاً بالخجل، ويده القوية الضخمة التى تصافحك فتتعطر بفتوتها إحتضنت الجميع بحميمية، وبشرته التى لفحتها شمس الوادى قرأ الكل عليها حروف العشق لهذا الوطن الذى مازال فى القلب برغم أن الكثيرين من حوله قد حولوه إلى مجرد ورقة بنكنوت وصفقة سمسرة، للحظة تجسدت ملامح الوطن فى ملامح وجهه وإختلطت تضاريس المحروسة بخطوط الزمن على لوحة جدارية ضخمة إسمها أحمد مستجير.


 - غلالة الدموع التى لمحتها تغلف المآقى يوم الجائزة لم تكن هى الأولى فى حياته، فالدموع والشجن لهما قصة طويلة مع د.مستجير، والبكاء كما أنه يغسل القلب فإنه أيضاً يحدد المسار ويرسم المسيرة، كان اللقاء الأول مع الدموع فى العاشرة من عمره وفى مدرسة المطرية دقهلية نهر شفيق أفندى مدرس اللغة الإنجليزية صديقه يوسف شطا عندما أخطأ فى إجابة أحد الأسئلة وزجره قائلاً " روح موت "، ومضت ثلاثة أيام ولم يظهر يوسف، وفى اليوم الرابع وصله خبر موته، وأيقن الصبى مستجير أن شفيق أفندى قد قتل صديقه فبكى بحرقة وقرر فى الفسحة أن يكتب خطاباً لأحمد ماهر باشا رئيس الوزراء شاكياً هذا القاتل، وفى جنازة صديقه كانت السماء تمطر، وشارك الطفل السماء فى بكائها على يوسف، ليظل د.مستجير طوال عمره على يقينه الثابت بأن الكلمات من الممكن أن تقتل، ولهذا فإنه يحمل للكلمات نفس القدر من الإحترام وأيضاً الخوف.

واللقاء الثانى مع الدموع كان عندما إلتقى الشاب أحمد مستجير إبن قرية الصلاحات بدكرنس بأطفال عزبة "الربعمية " المجاورة لقريته، كان حينها قد عين فى الإصلاح الزراعى بعد تخرجه من الكلية، وفى مشاويره اليومية كان يشاهد الأطفال وهم يجمعون القطن وكان يداعبهم بحب، يشم فى عرقهم عطر الوطن وقسوته أيضاً، نفح أحد هؤلاء الأطفال قرشين، ولم يعرف أن هذين القرشين يمثلان كارثة، فقد علم المفتش بهذه الحادثة وعنف الشاب مستجير قائلاً " لايصح أن تعامل الفلاحين هكذا لابد أن يخشاك الناس هنا حتى تحفظ هيبتك، لايجوز أن يحسوا أن لك قلباً رحيماً، ولاأحب أن أسمع أنك كررتها ثانية!!!!"،
بعد أكثر من نصف قرن لازالوا يعانون يا د.مستجير و لكن تري هل هناك من ينفحهم قروشاً قلية مثلما فعلت أنت؟!

 وبكى الشاب اليافع البرئ وصرخ " ياأيتها الشمس الغاربة، لماذا تكون الحياة هكذا؟، أيستكثرون أن يحظى منا فلاح ببسمة؟!، أو بكلمة حلوة، يكرهون أن يربت إنسان على كتف إنسان، يريدون أن يقتلوا فينا الطيبة وحب الناس" وتساءل "من نحن سوى الآخرين، بدونهم لسنا بشراً، لايصح أن نكون، أمن أجل خمسة عشر جنيهاً يقتلون فىّ الإنسان؟ "،

وقرر الشاب أن يهجر هذا العمل وأن يدوس على تلك الجنيهات الملوثة بآهات هؤلاء البسطاء وأن يشترى نقاء روحه، وعرف كما قال فى إحدى مقالاته أن الإنسانية قبل العلم وقبل الشعر.
وبعد أن حزم حقائبه إلى أدنبرة فى أواخر سبتمبر 1960 لإستكمال دراسته فى معهد الوراثه، كان هناك موعد آخر مع الدموع، ولكنها هذه المرة دموع الفرح عندما حصل على الدكتوراه فى 14 نوفمبر 1963، وبرغم أنه قبلها حصل على الدبلومة بشهادة الإمتياز لأول مرة فى تاريخ المعهد، وحصل أيضاً على ثقة أستاذه ألان روبرتسون، ولكن طعم العناد ورائحة التعب التى إنبعثت من حبر الرسالة التى لم يصوب فيها المشرف إلا ثمان كلمات فقط، كل هذا جعل الفرح مغموساً فى ملح الدمع والشجن، ولكن الدموع كانت أقوى وأغزر حين عاد بعدها إلى أدنبرة بحوالى ربع قرن مع زوجته وقاما بزيارة منزل أستاذه، وعرف منها قصة موته الميلودرامية حين كان يلقى بمحاضرته وفجأة صمت وصرخ فى الحضور من أنتم؟وأين أنا؟، وإنقلب طفلاً صغيراً يتصرف برعونة الصغار وحمقهم، إنه أصيب بمرض وراثى خطير، بكى أمام زوجة أستاذه وصرخ مردداً كلمات قصيدة فاروق شوشة:
كم أنت قاسٍ أيها الموت
كم أنت قاسٍ أيها الموت
، ومن يومها قرر أن تكون أهم سطور رسالة حياته هى دراسة الأمراض الوراثية للإنسان.

 - لأنه يحب البشر أحب علم الوراثة، ولأنه يعشق الحياة فقد جعل علم الوراثة عشقه ومهنته، ولم ينس د.مستجير طوال رحلته أن داخله شاعر، وظلت أصداء قصيدة الشاعر أودن تتردد داخله:
 العلم كالفن.. لهو.. لعب بالحقائق
 وليس لأية لعبة
 أن تدعى القدرة على حل أحجية الأحاجى:
 "ماهى الحياة الحقة؟"

ويظل اللغز يكبر ويكبر، وعلامة الإستفهام تخرج لسانها لعالمنا الجليل وتستفزه، وتستدعى كلمات "جوته" فى رائعته "فاوست":
إن من يصف ويدرس ماهو حى
يفتش عن الروح أولاً
فلايبقى بين يديه غير شظايا
تفتقر - يالوعتى –إلى رباط الروح.



وتقف هذه القامة العملاقة أمام أسئلة الحياة فى حيرة وقلق، ولكن برغم كل شئ وأى شئ لايفقد أبداً تواضعه الجم و دهشته الطفولية التى تجعله يردد كلمات نيوتن " لست أدرى كيف أبدو بالنسبة للعالم، ولكنى أبدو لنفسى كطفل يلهو على شاطئ البحر، يتسلى بين الحين والآخر بإكتشاف حصاة أنعم أو صدفة أجمل، بينما يقف محيط الحقيقة بأكمله غامضاً غير مكتشف أمام ناظرى ".
اسحق نيوتن


ولكى يسبح د.مستجير فى محيط الحقيقة كان عليه أن يتزود بزاد يكفيه فى رحلته المنهكة المليئة بالأنواء والأمواج، وكان فى كل محطاته "الألفة " دائماً، بداية من حصوله على بكالوريوس كلية الزراعة 1954، إلى أن حصل على جائزة مبارك، مروراً بعمادته لكلية الزراعة من 1986 حتى 1995، وجائزة الدولة التشجيعية 1974، ووسام العلوم والفنون 1974، وجائزة أفضل ترجمة علمية 1993، وجائزة الإبداع العلمى 1995، وجائزة الدولة التقديرية 1996، ثم وسام العلوم والفنون للمرة الثانية 1996، وجائزة أفضل عمل ثقافى 2000.
وكما سرق برومثيوس نار المعرفة ليهديها للبشر، أعطانا الحكيم الطفل شعلة الثقافة العلمية التى نذر لها حياته، أعطاها لنا فى عشرات الألاف من الصفحات التى خطها قلمه وأبدعتها قريحته، فقد بدأ د.مستجير مشوار التأليف والترجمة فى 1966 بكتابه مقدمة فى علم تربية الحيوان، ثم توالت الجواهر فى عقد فريد مازال يتلألأ على جيد الزمن، بداية من كتبه الجامعية حتى كتابه المترجم عن السوبرمان، مروراً بالربيع الصامت وصناعة الحياة وطبيعة الحياة وهندسة الحياة وعقل جديد لعالم جديد ولغة الجينات وبحثاً عن عالم أفضل والشفرة الوراثية للإنسان، والطريق إلى دوللى ومن يخاف إستنساخ الإنسان وهمس من الماضى ... الخ.

 -  أتذكر جيداً رده المفحم على أحد الأرستقراطيين عندما شتم الهندسة الوراثية وأخذ عليها إنتاج طماطم جامدة مش زى بتاعة زمان، رد عليه العالم بحسم إحنا عايزين نأكل الناس الفقرا اللى بيزيدوا بالملايين فلازم نعمل طماطم تستحمل حتى ولو كان طعمها مش زى زمان، رد إنسانى قبل أن يكون رداً علمياً، فهو يبحث ويكتشف لكى يأكل الغلابة لالكى يجعل علمه مطية لرفاهية أغنياء الحرب وأثرياء العصر الجديد ، وحتى تأملاته أخضعها لمصلحة الناس البسطاء ففى إحدى سفرياته على الطريق الصحراوى إلى الأسكندرية لاحظ كثافة الغاب والبوص فى الملاحات ونموه برغم نسبة الملح المرتفعة، فلمعت فى ذهنه الفكرة التى ينفذها الآن فى الفيوم بإمكانية زراعة القمح والأرز فى الأرض المالحة بالتهجين الخضرى مع الغاب، وحلمه الذى أراد تنفيذه بأسرع وقت هو إثراء الفول البلدى بحامض الميثونين الأمينى لتقترب قيمته الغذائية من اللحم أى أنه يريد تحويل طبلية الغلابة والحرافيش إلى سفرة البهوات والمستورين،
 وكان من أحلامه أيضاً إدخال جين مقاومة فيروس الإلتهاب الكبدى أكبر عدو لأبناء المحروسة إلى الموز، وغيرها من الأحلام التى هاجسها الوحيد فقراء هذا الوطن الذى يتخلى عنهم الجميع بمن فيهم العلماء الذين فضلوا تكييفات الخليج وريالاته على غيطان الفلاحين، وقطعوا حبالهم السرية لكى يرضعوا الهامبورجر والكاتشاب!!!.

 - يقول د.مستجير " فى جوف كل عالم شاعر هو الذى يأخذه إلى طريق الأحلام والأوهام ليخلق منها علماً حقاً، لاعلم بلاخيال، ولاشعر بلاخيال، وشطحات الشاعر هى نفسها شطحات العالم "، وعاش الشاعر بداخل العالم د.مستجير يداعبه من حين إلى آخر، وظل الشعر الرومانسى هو الجزيرة التى يتمدد العالم مسترخياً على رمالها، خالعاً كل طبقات التكلس التى تريد خنق مشاعره، ومن فرط حبه فى الشعر إبتكر وزناً جديداً فى كتاباته العروضية التى أزعجت التقليديين ممن يتبنون نظرية ليس فى الإمكان أبدع مماكان، أثبت لهم الحكيم الطفل بأحلامه العريضة التى تسع الكون أنه فى الإمكان دوماً أبدع مما كان،
 وأظن أن دهشتكم لن تقل عن دهشتى إذا تخيلتم هذا العالم الجليل وهو فى معمله يتعامل مع الخلية بكل غموضها وجلالها وهو يردد فى نفس الوقت هذه الأبيات الشعرية البديعة:
لو رمنا نبكى كل الأزهار الذابلة
بدرب العمر لماإسطعنا
لكن هناك لكل منا زهرة
يرويه سره
يخشى لماتذبل أن تذروها الريح
يحضنها.. يندبها.. يذرف دمعه
يشعل شمعه
ويرتل من أنغام الناى صلاته
ثم يوسدها فى صمت قلبه
ويعيش بقية عمره يحمل جثته فى صدره

يقول الدكتور أحمد مستجير: لحسن حظي أن زوجتي امرأة عظيمة تعرف كيف تدفعني للأمام، رغم أنها أوربية التقيت بها أثناء دراستي هناك وتزوجتها عام 1965، فإنها لم تتردد لحظة في ترك بلادها من أجلي، إن من أسرار نجاحي وجود مثل هذه الزوجة في حياتي، فإذا كانت عمادتي لكلية الزراعة استمرت 9 سنوات فإن زوجتي عميدة حياتي لأكثر من 35 عاما.



 - بكيت بعد قراءة قصيدتك يا د.مستجير وتمنيت أن تصل دموعى إلى نفس درجة نقاء وصدق دموعك، ولك منى كل الحب وأعدك ألا تذبل زهرة الأمل أو تنطفئ شمعة الأمنيات فقد تعلمنا منك حرفة التفاؤل حتى ولو كان الواقع مريراً

*( منشور فى جريدة إيلاف )


- - - - - - - - - - - - -
موضوع ذى صلة:
    - مستجير.. فى ذكرى عالم حقيقى





الجمعة، 24 ديسمبر 2010

فى ذكرى عالم حقيقى



فى كل ليلة و فى كل صباح
يولد البعض للشقاء
فى كل صباح وكل ليلة
يولد البعض للبهجة العذبة
يولد البعض للبهجة العذبة
يولد البعض لليل طويل بلا نهـــاية

                                  
  ذات مقالة, إستشهد مستجير بتلك الأبيات للإنجليزى وليام بليك ليجيب أن العلم.. العلم وحده هو خلاص البشر..
العلم هو الأمل لهذا الليل الطويل



ضعيفة, ذاكرة الإنسان
دوماً تكون الكتابة عمن يستحق متأخرة بعض الشىء !!
هذه تدوينة متأخرة جداً جداً عن أحمد مستجير (ديسمبر 1934 - أغسطس 2006)..
عن عالم حقيقى وكاتب عظيم فى بلد بائس لايليق بعقله أوفكره

كنت أود الكتابة عنه منذ زمن طويـــل
الحق أنه أول من وددت الكتابة عنه ولمه لا؟
وهو فى وقت ما كان بمثابة الأب الروحى العقلى لى
مثلى مثل الكثير ممن يعرف قدره وحجمه الفكرى العظيم.. لم نكن لنتخيل الحياة بدون كتاباته وترجماته التى بلغت قرابة المائة عنوان.. كلها كتب ممتعة و مهمة

 حدث فى صدفة بحتة أن عثرت على مقالة عنه كتبها أحد رواد الإنترنت فيما يبدو أنه إخوانى النزعة, ولم يكن الأمر أنه وضعه فى مستوى واحد مع زغلول النجار (العالم الجليل الآخر حسب قوله) وغيره من محسوبى الشعوذة و الدجل الحداثى.. بل كان على وشك تفضيل النجار عليه
الأمر الذى إستفزنى بحق
وأضحكنى فى آن , فلو كان هذا الإخوانجى أو غيره قد قرأ شيئا مما كتب مستجير لخجل من نفسه وعرف ما يدعو إليه مستجير ولما كتب عنه من الأساس !!!!
لكن هى الفشخرة الكذابة والتعلق اللزج بواحد مشهور وخلاص.. (فخر الإسلام والمسلمين) !!, وهم منه ومن إسلامه براء

لعرف أن الحديث عن مستجير يعنى الحديث عن عالم حقيقى يحارب كل تلك الأفكار الزائفة الضلالية.. وليس مثل مشايخه يدعو للوهم
يعنى الحديث عن إنسانية العالم وعن مبدأ الإنسانية
لعرف أنه إنسانى المبدأ, وعقلانى الفكر..
يعنى قبل كل شىء الحديث عن العلم الممتع.. عن جمال الإكتشاف وحلاوة الفكرة
 كان همه الأول والأخير هو سيادة العقل والتفكير العلمى والخلاص بالعلم لحياة أفضل
لعرف أن مستجير عالم وصل به حب العلم إلى حد الإفتنان والكتابة الشاعرية عن العلم !!
عالم بحس شاعر.. أو كما لقبوه أديب متنكر فى هيئة عالم
لكن الحالة التى مثلها كانت حالة نادرة بين المشتغلين بالعلم مثله مثل س.ب. سنو البريطانى
عندما يرى العالم فى العلم جمالاً لا يقل عن جمال الخيال والشعر و الأدب
كان مستجير يقول أن العلم إبداع.. العالم يحتاج خيالاً وجمالاً لا يقل عن خيال الشاعر وجمال الحب

 مستحير حسب علمى أول من كتب شارحاً نظرية التطور وناقلاً أميناً لما كان يكتب عنها .. حسب علمى أيضاً كان أول من كتب عن لوسى جدة البشر.. جعلنى أحب الجدة لوسى ... أول من كتب عن البيوتكنولوجيا وصاغ الكلمة.. مثلها مثل اليوجينيا والجينوم والدنا والبيوأخلاقيات
 ومبسطاً لكل تلك العلوم
هو من جعلنى أتمنى أن أعلق بوستراً لـ( اللولب المزودج)
هو من عرّفنى على ريتشارد دوكينز و بول إيرليش و راشيل كارسون

 أحمد مستجيـر 

عندما بحثت فى جوجل عن صورة جيدة رائقة لمستجير كى أضعها هنا لم أجد سوى الصورتين أو الثلاث المعروفتين وكلها صور تشبه جودتها صور الموبايل القديم
بمنتهى الفضول مسحت إسم أحمد مستجير ووضعت إسم "محمد حسان" ونقرت ... صور ولا أندرتيكر !!
مسحت حسان ونقرت على إسم زغلول .. صور و لا أميتابتشان !!

أحزننى أن لا أجد صورة جيدة له بالمقارنة ببحر الصور لهؤلاء السحرة مروّجى الأوهام والكسل العقلى
أحزننى أن حلاق بلدتنا يتكهرب أمام إسم  الظاهرة مصطفى محمود ولا يعرف إسم مستجير
أحزننى أنهم وضعوا مقالة لمصطفى محمود يفند فيها نطرية التطور (بالعافية).. تجعل أى عقل بسيط يلعن العلم ويكفره, ولا يفكروا فى وضع أى مقالة لمستجير يشرح فيها الجمال والعقل فى التطور أو غيره فى أى نظرية علمية وفى العلم عموماً

أحزننى أكثر أن لا أجد أى مقالة جيدة عنه كتبها كاتب ثقة سوى مقالتين فحسب
أولهما مقالة كان قد كتبها صديقه فى الرحلة والمرحلة "سمير حنا صادق" ( واضع مصطلح العلم الزائف "علم الطب النبوى و الحجامة والسحر",
كان قد نشرها فى مجلة إبداع ( نفس المجلة التى صودرت مرة بأمر بلطجية الإسلام )..
للأسف لم أجد المقالة على الإنترنت
المقالة الثانية كتبها خالد منتصر (سأنشرها فى التدوينة التالية


- - - - - - - - - - - - -
  حقائق قليلة عن مستجير:

 - مولود فى ديسمبر عام 1934
 - إلتحق بكلية الزراعة محبة فى النباتات والحقول الخضراء ( الطبيعة المصرية)
 - لم يكمل فى الوظيفة الروتينية التى أعطتها له الحكومة ( وأعطته حصاناً وسرايا صادرتها الثورة ليقيم فيها), الأمر الذى لم يروق لحسه الإنسانى وهو يشهد بؤس الفلاح المصرى.. فسافر لإدنبرة لدراسة علم الوراثة والتحسين الوراثى
 - أنتخب عميداً لزراعة القاهرة فترتين (قبل أن تصبح العمادة بالتعيين)
 - أنجز العديد من البحوث الوراثية لتحسين المحاصيل النباتية والثروة الحيوانية ( منها إستنباط نوع من الأرز ( ومصر بلد تحيا تا تحت رحمة الأرز) يمكن زراعته فى الأراضى الملحية وريه بمياه البحر.. وكان على وشك إجراء عملية إستنساخ جاموس... طبعاً, لم يسمع أحد عن كل ذلك.. فى بلد يحكمها بلطجية الفكر وأشباح العلم.. بلد لا يزال يفتى فى حرمة نقل الأعضاء البشرية فكيف يدعوه يلعب فى مخلوقات الله !!
 - بعد إنتقاله للعيش فى النمسا ليكون قريباً ومتابعاً لجديد العلم و الفكر لم يتخلى عن ( مسئولية المثقف ) وظل يكتب فى مجلات عديدة منها سطور ( المجلة التويرية التى أفلست لأن أحداً لم يهتم بها )
 - دفن فى مصر, لكن قبل أن يدفن تم حجزه فى قرية البضائع بالمطار
كتب سمير حنا صادق أن أحمد شوقى (ثالثهم) عندما ذهب لإستلام جسده من المطار إنهار باكياً وهو يصيح" أحمد مستجير فى قرية البضائع"!!